رساله, إلى كل من ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وضاقت عليه نفسه بما حملت,إلى كل من تربى
في فكره الوساوس،إلى كل من ذاق طعم الهم ، وتجرع كأس الغم, إلى كل من اضطربت مشاعره ،واحترقت أعصابه , إلى
كل من تأخر عليه الفرج ، ونسي من بيده مفاتيح الفرج ,إلى كل من واجهته الصعاب، وترعرع في نفسه الإكتئاب,إلى كل
من أصيب بعاهة في جسده، وكل مرض نغص عيشُه,إلى كل من عان من جفاء وقسوة والده ,إلى كل شاب لم ينعم بالحياة ،
ولم يتلذذ بطعم الإيمان,ياالله ,قلت وقولك الحق (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب) وقال(أليس الله بكاف عبده)أيها
المهموم ,سبِّح المُتعالِ,حققِ السعادة في دنياك وآخرتك, أصبر وما صبرك إلا بالله ،إستقبل المكارة برحابة صدر,إستقبل
الهموم والغموم بقوة وشجاعة,وهل أوجد الحكماء والأطباء ,حلاً للأزمات والمصائب غير الصبر,أصبر يا مهموم فالله يقول
( اصبروا وصابرو ) (اصبر وما صبرك إلا بالله ) فمحمد صلى الله عليه وسلّم يقول ( إن الله إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم )
إصبر مهما داهمتك الخطوب ,إصبر مهما أظلمت أمامك الدروب, فإن مع العسر يسر, وإن مع الكرب فرج, من الذي يفزع
إليه المكروب ,من الذي يستغيث به المنكوب,إنه الله لا إله إلا هو, حقٌ علي وعليك, أن ندعوه في الشِّدة والرخاء,حق علي
وعليك ,أن ننطرح على عتبات بابه سائلين, باكين, ضارعين, منيبين ,(أمن يجيب المضطر إذا دعاه )الله قريب,الله
سميع ,الله مجيب ,يجيب المضطر إذا دعاه ,يا مهموم, يا مغموم, مُدّ يديك, إرفع كفيك, إطلق لسانك, أكثر من طلبه, بالغ
في سؤاله, ألِحّ عليه, ألزم بابه,إنتظر لطفه,إذا أصابك مايُهِمُّك,ونزلت عليك ,النوازل,وأصابتك الملمات, وقهرك الرجال
, فلا تغضب, ولا تجزع, ولا تشتك إلى أحد, ولا تجعل شدّة المصيبة على بيتك, ولكن قول,الحمد له, والشكر لله, قول,قدر
الله وما شاء فعل, قال تعالى(ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم ، إلا في كتابٍ من قبل أن نبرأها )وقال
الحبيب محمد عليه أفضل الصلاة والسلام(عجباّ لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابتها سراء شكر فكان خيراّ له وإن
أصابته ضراء صبر فكان خيراّ له )إستسلم للقدر,لا تتسخط, ولا تتذمر,إعترف بالقضاء والقدر, وليهدأ بالك, ولا تقول, ل
و أني فعلت كذا لكان كذا و كذا ولكن قول, قدر الله وما شاء فعل,أيها المهموم قد يكون همكِ بسب فراغك القاتل,ولكن, تذكر
نعمة الله عليكِ ,يكفيك إنك مسلم, يكفيك إنك مؤمن,يكفيك إنك تصلين, يكفيك أن حواسَّك غير معطّلة,يكفيك الأمنَ والأمان,
يكفيكِ أنكِ قادرة على العمل وإن لم تتيسر لك ظروف العمل,يكفيك انك في صحة وعافية دائمة,فانظر لمن ملك الدنيا
بأجمعها ,هل راح منها بغير القطن والكفن,أطرق باب ملك الملوك,فهو يفتح لك كل ليله لكي يقبل طلبات المحتاجين,إنه الله
الذي أمره بين الكاف والنون, (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون )وقبل الدخول عليه سبحانه عز وجل,
إلتزم بشروط إجابة الدعاء,فإن الله لا يقبل من قلبٍ غافلٍ لاه,أكل وشرب الحلال,فأنه لا يستجاب لآكل الحرام, أدخل عليه,
في ظلمة الليل, أدخل عليه في ذلك الوقت الذي ينام فيه أهل الوساطة الذين نتعلق بهم, ولكن,ما نام الحي القيوم ,
يقول للعباد,هل من سائلٍ فأعطيه,هل من داعٍ فأستجيب له,هل من مستغفر فأغفر له, نعم أليس الله سبحانه فرج الكرب عن
أيوب,أليس الله سبحانه جعل النار برداّ وسلاماّ على إبراهيم, أليس الله سبحانه شق القمر لمحمد,الناس يتوسطون بالناس
ونسو رب الناس, لا إله إلا اله ,في هذا الوقت,أدع ربك,إسأله,إستغفر منه, ثم إذا فرغت من دعائك له ،فإنك سوف تفوز,
بإحدى ثلاث أشياء,إما أن يحقق لكِ طلبك, وإما أن يدِّخر لك يوم القيامة بشيء أفضل بكثير وكثير مما تطلبه في هذه الدنيا,
وإما أن يدفع الله بهذا الدعاء بلاءً ينزل عليك من السماء,أذا ضاق صدرك, وصعب أمرك, وأظلمت في وجهكِ الأيام, فعليكِ
بالصلاة (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ) سبحان الله الصلاة هي مستشفى تداوى البشر من السقم وتشرح
الصدر من الهم والغم ,فكان الرسول في المهمات العظيمة يشرح صدره بالصلاة ،إعلم, أن قلة التوفيق, وفساد القلب,
وإضاعة الوقت,والوحشة بين العبد وبين ربه, ومنع إجابة الدعاء, وقسوة القلب,ومحق البركة في الرزق, ولباس الذل,
وضيق الصدر,وطول الهم, تنشأ ,وتتولد,من المعصية والغفلة عن ذكر الله ,فالله الله في ترك الذنوب,كلنا نعرف الحلال و
الحرام,ولكن السعيد,من فعل الحلال وترك الحرام,فتوب إلى الله وارجع إليه واسمع الآيات التي تقوي من رجائك،وتشد
عضدك ، وتزرع في النفس التفاؤل وعدم القنوط قال الله (قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن
الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) وقال الله (ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً
رحيما) إن سِرَّ أسباب راحة البال, هو الاستغفار, قال تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيم )
اللهم فرَّج همَ المهمومين من المسلمين,وفرج كرب المكروبين
إنك على كل شيء قدير.